آخر تحديث :الجمعة - 03 مايو 2024 - 01:44 ص

اخبار وتقارير


قناة اخبارية تكشف كيف يتم اختراق تنظيم القاعدة في اليمن ؟

الأحد - 09 يوليه 2023 - 01:05 م بتوقيت عدن

قناة اخبارية تكشف كيف يتم اختراق تنظيم القاعدة في اليمن ؟

عدن تايم/قناة أخبار الآن

‏هجمات ومقتل عديد القادة.. الشلواني العولقي أخر المستهدفين عاني تنظيم القاعدة في اليمن بالأشهر الأخيرة، من مقتل عدد من الشخصيات البارزة في قاعدة اليمن بغارات جوية وقع الكثير منها في محافظة مأرب بوسط البلاد وفي محافظتي أبين وشبوة

يأتي هذا في الوقت الذي قام أعلن تنظيم القاعدة في اليمن أنه استهدف عدداً من المركبات العسكرية بثلاثة عبوات ناسفة في محافظة أبين، يوم السبت 17 يونيو

‏وقالت نشرة إعلامية للقاعدة في اليمن، إن عناصر التنظيم فجروا عبوة ناسفة استهدفت طقماً عسكرياً أثناء مروره في منطقة البقيرة بمديرية مودية، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وإعطاب الطقم

الفساد في قاعدة اليمن بمراجعة مسيرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (فرع اليمن)، يظهر بسهولة عمق الانكشاف الأمني الذي يعاني منه التنظيم، الأمر الذي جعله أشبه بالكتاب المفتوح أمام خصومه وجعل اغتيال قادته واحدًا تلو الآخر بمثابة اصطياد العصافير، وتبخرت مناطق سيطرته، فما سر هذا الانكشاف الفاضح؟ ومن هو الطرف الذي يوجه هذا الأمر لصالحه؟

مع نشر التحقيق الاستقصائي الذي أنتجه حساب أنباء جاسم عن القاعدة في اليمن بعنوان المحسوبية الجهادية والفساد المالي الذي ينخر قاعدة باطرفي ، اتضح كيفية تسرب أموال التنظيم إلى مجموعة من أبناء قادته يقضون أوقاتهم في المرح والتنزه وتملك العقارات ويتحركون بهويات مزورة أمدتها بهم ميليشيات الحوثي التابعة لطهران، بينما يعاني عناصر التنظيم شظف العيش بسبب تعمق الأزمة المالية للجماعة

يأتي هذا في ظل تسرب أنباء عن خطة سرية يتبناها القيادي إبراهيم البنا لإعادة هيكلة أجهزة التنظيم: العسكري والأمني والإعلامي والشرعي، وإعطاء ابن المدني (نجل سيف العدل، الزعيم الفعلي للقاعدة) سلطة الإشراف على كل الأجهزة مما يعني أن يصبح هذا الشاب الزعيم الفعلي لفرع التنظيم في اليمن، خاصةً وأن الخطة تتضمن تقليص صلاحيات خالد باطرفي، زعيم فرع اليمن، وإعادة تشكيل مجلس شورى التنظيم، ليتحول ابن المدني تدريجيًا من مسؤول اتصال بين أبيه والتنظيم إلى أن أصبح من أكثر القادة نفوذًا وسطوة

الانكشاف الكبير على مدار سنوات تساقط قادة التنظيم بشكل عجيب، وظهر تسارع هذه العملية في ظل قيادة خالد باطرفي للتنظيم منذ عام 2020 وحتى اليوم

فخلال الفترة القليلة الماضية، اعترفت القاعدة في اليمن بمقتل عدد من قادتها وأمرائها البارزين في تكرار على ما يبدو لحملة مشابهة تعرض لها التنظيم عام 2015 في ظل سيطرته على المُكلا، عاصمة محافظة حضرموت، أدت إلى خسارته عدد من القادة على رأسهم زعيمه المؤسس ناصر الوحيشي

ومن اللافت أن باطرفي كان حينها أمير المكلا التي شهدت تساقط أمراء القاعدة الآخرين واحدًا تلو آخر

ومما يلفت النظر أيضًا أنه بمجرد تولي العديد منهم أي مسؤولية قيادية يدخل في دائرة الاستهداف، ويسهل الوصول إليه، فالمسؤول العسكري للتنظيم، صالح عبولان، العم سعد أبي عمير الحضرمي، قتل في غارة في ديسمبر 2021، مع أنه كان من المفترض فيه أنه يتمتع بحماية وتأمين على أعلى مستوى

لذلك شكل اغتياله حرجاً للتنظيم أمام قواعده، فبعد مرور كل تلك السنوات، ظل التنظيم مخترقاً على أعلى مستوى، وظلت مصادر هذا الاختراق محصنة ضد الكشف

وعقب اغتيال عبولان تم تعيين إبراهيم بن علي السنفي أو عمار الصنعاني، خليفة له، لكن في مارس 2022 نعى التنظيم المسؤول العسكري الجديد الذي قُتل بنفس طريقة اغتيال سلفه تمامًا

وطيلة الفترة التالية ظلت الاستهدافات والاغتيالات تطال التنظيم بشكل جعل مثل هذه الأخبار تبدو مكررة في ظل ثغرات واضحة في الجانب الأمني للتنظيم الإرهابي

التطهير اللانهائي ..هدم الجاسوسية جاء اغتيال عبولان بعد شهرين تقريباً على لقاء إعلامي ظهر فيه خالد باطرفي، حاول التقليل من خطر الجاسوسية على التنظيم، لكن جاء الاغتيالان المتتابعان لعبولان والسنفي لينسفا هذه المزاعم

ومن المعروف أنه منذ الأيام الأولى للقاعدة في اليمن إلى اليوم انتشرت قصص تعرض التنظيم للاختراق والتجسس، وفي المقابل نشطت اللجنة الأمنية، المسؤولة عن أعمال التأمين والاستخبارات، في عملية مكافحة التجسس

وبذلك فإن أعضاء القاعدة في اليمن تعرضوا لرقابة مستمرة من اللجنة الأمنية التي تورطت في عمليات تعذيب واعتقال وإعدامات مروعة لعناصر وقيادات بالتنظيم بحجة التجسس لصالح التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية أو الاستخبارات الأمريكية وفق ما ظهر في سلسلة هدم الجاسوسية التي نُشرت على أربعة أجزاء، بدءًا من عام 2019

وتوسعت اللجنة الأمنية بقيادة إبراهيم البنا، في الإعدامات بناءً على القرائن غير المؤكدة وتعذيب الأعضاء لانتزاع الاعترافات القسرية منهم حول ضلوعهم في أعمال التجسس المفترضة بدون محاكمات شرعية كما كان يحدث

واعترف التنظيم بتسرعه في تنفيذ بعض الإعدامات ظلمًا وأبدى استعداده للاعتذار إلى أهالي المقتولين ودفع ديات ذويهم

لكن هيهات أن يصلح ذلك ما أفسدته اللجنة الأمنية، فبالإضافة إلى القادة الذين قُتلوا في الغارات الجوية والمعارك، أكمل التنظيم نفسه تصفية عناصره للاشتباه في تجسسهم، وطالت هذه الإعدامات بعض من كانوا يُنظر إليهم على أنهم فوق الشبهات كأبي مريم الأزدي وكان طالب علم ظل فترة في أفغانستان سابقًا، لكنه أعدم بتهمة التجسس عام ٢٠١٩

وتسببت التصفيات الداخلية في هروب العديد من الأعضاء، فتضاعفت خسائر البشرية للتنظيم بسبب الانشقاقات والاعتزالات، في حين استمرت عملية اختراق التنظيم ولم توقفها حملات هدم الجاسوسية ، ولم تنجح القاعدة على الإطلاق في مواجهة الاختراق الأمني، وظلت ماكينة التجسس تعمل بنجاح داخل التنظيم فتهتك أسراره وتجعله غنيمة سهلة لمن يريد استهدافه

الاختراق الحوثي المعلن للقاعدة أثبتت الأحداث المتلاحقة أن القاعدة في اليمن تعرضت لاختراق عميق من جانب ميليشيات الحوثي التابعة لطهران، ويعلم ذلك جيدًا المنشقون الذين حكوا كيف أنه بمجرد وقوع خلافات داخل القاعدة وعندما تقرر بعض العناصر الانشقاق يفاجأون بتواصل الحوثيين معهم فور انشقاقهم، مما يدل على حرصهم على متابعة كل صغيرة وكبيرة داخل التنظيم

كما اتضح أن الميليشيات قبل تواصلها معهم أعدت خطة للتعامل معهم مدعومة بقاعدة بيانات معدة مسبقًا بشكل متقن، تصنف فيها عناصر القاعدة بشكل مناطقي، فتعرف من منهم ينحدر من العاصمة صنعاء مثلا وتعطي أولوية لاستقطابه عمن ينحدر من أماكن أخرى أقل أهمية

مما يعني أن استخبارات الحوثي المدعومة من استخبارات الحرس الثوري الإيراني تملك معلومات تفصيلية عن الهيكل التنظيمي تنظيم القاعدة في اليمن وتحركات عناصره بدءًا من قادة الصف الأول، مما يشير إلى وجود مصادر معلومات ذات قيمة عالية في قمرة قيادة التنظيم تنقل هذه المعلومات والبيانات الدقيقة إلى الميليشيات تاركة لجنة إبراهيم البنا تعيث في دماء أبناء التنظيم في حملة التطهير اللانهائي بلا جدوى

والأدهى أن ميليشيات الحوثي لا تفعل ذلك سرًا فقط بل سبق وأن أعلنت على منصاتها الإعلامية معلومات دقيقة عن أماكن يختبئ بها قيادات بالقاعدة -وما زالت تلك المواد منشورة حتى اليوم على مواقعهم- مما أدى لمقتل عدد منهم، وهو ما اعترف به التنظيم في إصدار مرئي له بعنوان وقفوهم إنهم مسؤولون

من المستفيد الأول؟

لم تعد علاقة التخادم بين القاعدة وميليشيات الحوثي تخفى على المتابعين، بل انتقلت من السرية إلى العلنية باعتراف الطرفين بعقدهما تفاهمات لتبادل الأسرى فيما بينهما

وسبق أن أحاطت الحكومة اليمنية مجلس الأمن الدولي علمًا بهذا الأمر في تقرير لها في مارس ٢٠٢١، يرصد التعاون بين المليشيات والقاعدة في اليمن بشكل تفصيلي

وقد استغلت الميليشيات الإيرانية هذه العلاقة أسوأ استغلال فاستخدمت نشرها لمعلومات عن أماكن وجود قادة القاعدة لشرعنة هجومها على مدينة مأرب آنذاك بدعوى أنها تريد محاربة الإرهاب هناك! لأن القاعدة محسوبة ظاهريًا على المعسكر السني المناوئ للحوثي، ووجودها يمنح الحوثي مادة دعائية خصبة للادعاء بأنه يشن حربًا على إرهاب القاعدة

من جهته أشار المحلل العسكري اليمني، جميل المعمري، إلى أنه ضمن علاقة التخادم والتحالف بين الطرفين أفرج الحوثيون عن سجناء لديهم من القاعدة واستخدموهم في تنفيذ عمليات إرهابية كالتفجيرات والاغتيالات لتكون مبررا لوصول الحوثيين إلى تلك المناطق تحت مبرر مكافحة الإرهاب كما وقع في حزم العُدين بمنطقة إب وتفجير جامع الحشوش في صنعاء ليبدأ التحرك نحو المحافظات الجنوبية لمحاربة الإرهابيين الذين تسببوا في هذا التفجير وكذلك أيضًا تحركوا للسيطرة إلى البيضاء تحت مبرر وجود جماعات إرهابية خطيرة في قيفة والبيضاء وتمت هذه الهجمات بالتنسيق بين قادة تنظيم القاعدة في اليمن والحوثي

وتابع المعمري في تصريحاته لـ أخبار الآن أن القاعدة ظلت تجند العناصر تحت لافتة محاربة الحوثي دون أن تعلم تلك القواعد شيئًا عن هذه التفاهمات واخترق الحوثيين قبائل الجنوب بشكل سري وتم جر القبائل إلى مواجهات مسلحة دفاعًا عن أبنائها الذين لا تعلم عنهم أنهم انضموا إلى تنظيم القاعدة

وتجدر الإشارة هنا إلى أن إبراهيم البنا نفسه، مسؤول اللجنة الأمنية للقاعدة، معروف بأن له صلات قديمة بالحوثيين، كما أن السنفي وعبولان، القائدين العسكريين للتنظيم الذين تم اغتيالهما، كانا على علاقة بملف التنسيق مع الميليشيات التي وفرت لقادة التنظيم هويات مزورة، وكان الحوثيون يعرفونهم بشكل شخصي

وتلك هي العلاقة الملتبسة التي تجمع بين القاعدة في اليمن والحوثي والتي وصفها سيف العدل، القائد الفعلي لتنظيم القاعدة العالمي، بقوله الحليف يتحالف معك وعليك ، ووصفها مفتي القاعدة السابق أبو حفص الموريتاني قائلا إيران تلعب على جميع الحبال وهي تتحالف مع شخص وعليه في نفس الوقت

فالحوثيون يخترقون القاعدة في اليمن لإضعافها بالقدر الذي يتيح لهم توجيهها لخدمة مصالحهم؛ فرغم العداوة الظاهرة والخطاب الدعائي العدائي المتبادل إلا أن الطرفين يتخادمان فعليًا في ساحات المعارك، فكلاهما يحارب الحكومة اليمنية والتحالف العربي لدعم الشرعية، والقاعدة تنسحب أمام تقدم قوات الحوثي وتستهدف الجيش اليمني بالمتفجرات، وتستهدف أبناء القبائل بحجة التعاون مع الجيش اليمني الذي يحارب الحوثي

كما أن قطاع من عناصر القاعدة في اليمن يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة الحوثي، ويغض الأخير الطرف عنهم لأن سيوفهم له لا عليه

فما يبدو واضحًا أن سلوك التنظيم يخدم مصالح الحوثيين، الذين يعملون على توجيه جهد فلول القاعدة في استنزاف خصوم المشروع الإيراني في اليمن، وهو ما اعترفت به القاعدة بشكل ضمني في إصدارها المرئي معركة مأرب

فالميليشيات الإيرانية استطاعت حشر القاعدة في زاوية الاحتياج الاضطراري إلى التعامل معها رغم ما وجهته لها من ضربات، فرغم العداوة المفترضة بين الطرفين، وجد قادة القاعدة أنفسهم في احتياج دائم للتعامل مع الحوثي في تجارة الأسلحة وتوفير ملاذات آمنة وتهريب عناصرهم عبر الحدود، إلى جانب صفقات تبادل الأسرى التي شملت مئات العناصر وأتاحت للتنظيم استعادة بعضًا من قوته القتالية لاستهداف القوات التي تُقاتل الحوثي

ولا يزال التنظيم عاجزا عن وقف الاختراق الحوثي له، ولا يزال عاجزا أيضًا عن وقف التعاون والتخادم مع هذه الميليشيا الإيرانية بسبب حالة الضعف البالغ التي ألمت به وجعلته في حالة اعتماد دائم عليها، أوقعته في شَرَك الرضوخ لرغباتها ومراعاة مصالحها بشكل كبير في علاقة أمر واقع تصب في صالح الحوثي ولا يستطيع باطرفي الفكاك منها بسهولة

من جهته أكد نسيم البعيثي، الصحفي والناشط السياسي اليمني، أن جماعة الحوثيين منذ المراحل الأولى لانقلابها على الشرعية، تبنت فكرة تحرير عناصر تنظيم القاعدة من السجون، وتخادم الطرفان برعاية إيرانية، فعزز الحوثيون صفوف تنظيم القاعدة بعشرات المعتقلين المفرج عنهم، ما ساعده في التغلب على أزمة التجنيد التي واجهها بسبب عجزه عن اجتذاب عناصر جديدة

وأضاف البعيثي في تصريحاته لـ أخبار الآن أن إطلاق سراح معتقلي القاعدة في اليمن يُعد صفعة للجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، فقد شكل تهديدًا لحياة الأفراد في المناطق التي ينشط فيها تنظيم القاعدة وكذلك مَثَل عقبة أخرى أمام الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب وإيجاد تسوية سلمية دائمة

وأردف أن العزلة الدولية التي تواجهها جماعة الحوثيين شجعتها على التعامل مع معتقلين التنظيم كجنود تابعين لها وعقد صفقات معهم من أجل تنفيذ لهم عمليات إرهابية في مناطق الحكومة الشرعية، وتم التخادم بين الجانبين عن طريق تنفيذ عمليات إطلاق سراح الأسرى وتنسيق العمليات العسكرية ضدّ الخصوم المشتركين (الشرعية)، والانسحاب العسكري من مناطق لصالح الحوثيين، وتبادل المهارات العسكرية والتسليح والمعلومات والدعم المالي

هل مزاعم التجسس حقيقية؟

بالنظر إلى كل المعطيات السابقة وأيضًا إلى طبيعة عمل مثل تلك التنظيمات التي تعمل على إحاطة عملها بالسرية والغموض، فإنه لا أحد يستطيع أن يعرف ما إذا كانت مزاعم باطرفي بالتجسس حقيقية أم أنه يستخدمها فقط كذريعة لتصفية منافسيه، ويعد الجزم بأي من الاحتمالين رجمًا بالغيب في ظل غياب معطيات واضحة

لكن بالنظر إلى السياق العام لحملات اصطياد الجواسيس التي تشنها اللجنة الأمنية فإن أثرها كان سلبيًا على تماسك التنظيم، كما أن اعتراف التنظيم بوقوع انتهاكات أضفى مصداقية على الاتهامات الموجهة له بالإسراف في الدماء، والتوسع في اعتقال الأفراد والقادة بحجة عمالتهم لأجهزة الاستخبارات المعادية، وهو ما ورد في رسالة مجموعة أبي عمر النهدي، القيادي المنشق عن التنظيم

وقد اعتزلت بعض القيادات بسبب اتهامهم للتنظيم بأنه ترك تحكيم الشرع واستباح حرمة أعضائه من دون عقد محاكمات شرعية، والتجأ بعض المنشقين إلى ميليشيات الحوثي فرارًا من سيوف لجنة إبراهيم البنا

ولا تقتصر الانتقادات الداخلية على حملات مكافحة التجسس المزعوم، بل هناك اتهامات أيضًا بين كبار الأعضاء بالوشاية ببعضهم البعض، فعقب اغتيال مسؤول التنظيم العسكري صالح عبولان، وجه قياديان مقربان من سعد عاطف العولقي، أمير التنظيم في شبوة، اتهاماتهما لقياديين آخرين مقربين من خالد باطرفي بأنهما تورطا في الوشاية بعبولان عبر وضع شريحة الكترونية له أرشدت إلى مكانه

واستندا في هذا الاتهام إلى أن المتهمَين كانا آخر من التقاهم الرجل في محلّ إقامته في محافظة أبين قبل اغتياله؛ وأنهما أرادا إزاحة عبولان عن طريقهما حتى تخلو لهما الساحة

كما يوجه مقاتلون داخل التنظيم اتهامات لباطرفي وحاشيته بالتورط في اغتيال قيادات غير مقربة منه عن طريق زرع شرائح إلكترونية تساعد على تعقبهم وتجعلهم فرائس للطائرات الأمريكية

أزمة الجنوبيين تصب في مصلحة الحوثي بدأ باطرفي قيادته للتنظيم وسط خلافات ما لبثت أن توسعت، خاصة مع أعضاء القاعدة من جنوب اليمن، حيث معاقل التنظيم التي تبخرت بالتوازي مع ازدياد عدد الجنوبيين المنشقين والمعتزلين، مما صب في مصلحة الحوثي وألجأ قادة التنظيم إلى مناطقه مع ضعف الحاضنة الشعبية للقاعدة

ومن أكبر أسباب ضعف الحاضنة الشعبية أيضًا سيطرة قادة من خارج اليمن على مجلس شورى التنظيم ومراكزه القيادية، بينما تقبع القيادات المحلية -المقربة من قبائل الجنوب- في مرتبة أدنى غالبًا

وشهد عام 2022 احتدام الخلافات بين باطرفي والقيادي الجنوبي، سعد عاطف العولقي، فلم يتوقف الأمر عند اتهام جماعة سعد لجماعة باطرفي بالوشاية بعبولان، بل تطور الأمر إلى طرح مسألة الشرعية؛ فجماعة سعد يعتبرونه أحق بالزعامة من باطرفي في ظل تراجع التنظيم تحت قيادته

من هو الجاسوس الحقيقي؟ مع اتضاح الاختراق الحوثي العميق للتنظيم، يجدر بنا التذكير بأن الشخص الذي يسيطر على القيادة المركزية لتنظيم القاعدة هو محمد صلاح الدين زيدان الشهير بسيف العدل، وهو يقيم في إيران

أي أن تنظيم القاعدة في اليمن يتلقى تعليماته من إيران، وكذلك ميليشيات الحوثي تتلقى تعليماتها من إيران أيضًا

وبعبارة ثالثة فإن خالد باطرفي شخصيًا هو من يتبع أجندات خارجية، ويتلقى التعليمات من نفس المكان الذي تتبع له الميليشيات التي يزعم محاربتها، فهل يُعقل أن تستضيف طهران على أرضها قائد التنظيم الذي يقاتل أتباعها في اليمن؟! أم الأكثر معقولية أن نقطع بشكل جازم بأن النظام الإيراني يستثمر في تنظيم القاعدة ويرى أنه يحقق مصالحه من خلاله؟

فالحقيقة التي لا مراء فيها أن طهران نجحت في اختراق تنظيم القاعدة في اليمن، ولو كانت ترى في هذا التنظيم خطرًا داهمًا على مشروعها التوسعي وتهديدًا لبقاء ميليشياتها لما وفرت لقيادة التنظيم المأوى والحماية، ولما وفرت ميليشياتها المأوى الآمن لزعيم فرع القاعدة في اليمن، لكنها تفعل ذلك عن طيب خاطر لأنها أدركت أن التنظيم أصيب بمتلازمة طهران، وأنه يسير في طريق ارتضاه له الحرس الثوري الإيراني الذي نجح في اختراقه والتأثير عليه