تنسيق قضائي بين مصر وقطر لا يشمل تسليم قيادات الإخوان

> القاهرة "الأيام" العرب:

> ​تستمر الاجتماعات التي يعقدها مسؤولون في مصر مع قطريين على المستوى الوزاري، وتتنوع للتنسيق في مجالات عسكرية وأمنية واقتصادية مختلفة من دون أن يتم التطرق بوضوح إلى ملف تسليم قيادات تنظيم الإخوان المطلوبين من القضاء المصري، ما يجعل التنسيق الذي امتد إلى القضاء بين البلدين بعيدا عن هذا الملف.

وعقد وزير العدل المصري المستشار عمر مروان لقاء مع نظيره القطري مسعود بن حمد العامري، وأكدا على وجود تنسيق قضائي مشترك دون تفاصيل، واكتفى البيان الصادر عن اللقاء الأحد، بأن الوزيرين تطرقا إلى الاستفادة من الخبرات المشتركة.

وكان من المتوقع أن يتطرق اللقاء بين وزيري العدل المصري والقطري إلى ملف تسليم قيادات الإخوان بعد زيارة قام بها وزير الداخلية المصري محمود توفيق إلى الدوحة في فبراير الماضي ولقائه بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وجرت في ذلك الوقت الإشارة إلى أن ملف تسليم المطلوبين على رأس قضايا التعاون المشترك على المستوى وزراء العدل في البلدين، خاصة عقب تطور التنسيق الأمني، والذي وصل إلى مرحلة متقدمة بانعقاد أول اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة في مارس الماضي، وقادت إلى تدشين تعاون في مجالات عسكرية وإجراءات تدريبات مشتركة بين البلدين، غير أن ملف تسليم المطلوبين ظل راكدا. ومن الواضح أن المساعي القطرية تعمل على فصل موقفها من ملف عناصر الإخوان المقيمين على أراضيها عن استمرار التقارب مع القاهرة بعد أن نجحت في تجميده.

وكشف مصدر مصري لـ”العرب” أن البلدين لديهما رغبة في تطوير التعاون المشترك، ولا يريدان أن تؤدي الخلافات في ملف الإخوان إلى عرقلة ما حدث من تقدم، وأن التعاون القضائي سيأخذ أشكالا أبعد من مجرد تسليم عناصر التنظيم ويجري النقاش حوله بشأن بحث تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق أفراد الجالية المصرية الكبيرة في قطر بعيدا عن الدخول في تفاصيل المواقف السياسية، والعكس إذا صدرت أحكام بحق قطريين من المقيمين في القاهرة.

وشدد المصدر ذاته على أن التواصل بين البلدين بشأن تسليم المطلوبين قائم منذ فترة، وأن إدارة التعاون الدولي بوزارة العدل في القاهرة أرسلت إلى السفارة المصرية في الدوحة قائمة بالأحكام الصادرة بشأن عدد من المصريين هناك بمن فيهم عناصر تنظيم الإخوان، غير أن الأمر ظل متروكا لسلطات الدولة المضيفة التي تنظر في ما إذا كانت الأحكام تتوافق مع المعايير القضائية لديها من عدمه.

وقد لا تضطر الدوحة إلى تسليم المطلوبين على أراضيها حاليا لأن العلاقات مع مصر تتطور من خلال مستويات مختلفة بلا تقيد بملف تنظيم الإخوان، كذلك الوضع بالنسبة إلى شبكة “الجزيرة” و”العربي الجديد” اللتين تواصلان الانتقادات للحكومة المصرية، ولذلك تضع قطر بعض الأوراق الرابحة في حوزتها على أمل أن تستخدمها في الوقت المناسب.

وتدرك الدوحة أن القاهرة لديها رغبة قوية لتعزيز التنسيق الاقتصادي وتمرير عدد من الصفقات التي توفر عوائد دولارية تمكنها من سد الفجوة التمويلية التي تعاني منها، وليست بحاجة إلى تقديم تنازلات في ملفات ترى أنه تم تجاوزها بلا خسائر فادحة.

وقال الخبير في شؤون التنظيمات الإسلامية منير أديب إن الدوحة لن تسلم قيادات من الإخوان، وأقصى ما يمكن فعله أن تطلب من أشخاص بعينهم أنهم غير مرغوب في تواجدهم على الأراضي القطرية حال أصرت مصر على تسليمهم وهي تدرك ذلك وتمضي نحو تحقيق أهداف أخرى اقتصادية مهمة.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن القاهرة تطالب بتسليم المطلوبين للعدالة وأن الردود القطرية تأتي بأن الملف يخضع للإجراءات التنفيذية بين وزارتي العدل لدى البلدين، في محاولة لإرجاء الحسم، وأن التطور المنطقي للعلاقات يقتضي التطرق إلى هذا الملف مع التقدم الحاصل في ملفات أمنية واستخباراتية.

ويبرهن موقف الدوحة الساعي لتنحية ملف الإخوان على أنها سوف تظل داعمة للجماعة، كما أن الموقف المصري الذي يتجاهل تعنت الدوحة يعبر عن سياسة رشيدة ترفض أن تقف أمام قوى إقليمية معروفة تدعم التنظيم وتستضيف قياداته وقد تكون خاسرة حال أصرت على موقفها بعد أن فقدت جماعة الإخوان لياقتها السياسية.

وتستضيف قطر قيادات إخوانية مطلوبة للعدالة وتوجه القاهرة اتهامات لها بالتورط في تنفيذ عمليات إرهابية وزعزعة استقرار البلاد والانضمام إلى جماعة مصنفة إرهابيًة في مصر، وبين حين وآخر تصدر بعض الأحكام القضائية بحقها.

وعلى رأس العناصر المطلوب تسليمهم عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية والمتحدث باسمها عاصم عبدالماجد، والإعلامي أحمد منصور والذي يحمل أيضا الجنسية الإنجليزية، وابن الداعية الراحل يوسف القرضاوي (عبدالرحمن).

وقدمت القاهرة نشرة حمراء إلى الإنتربول الدولي تضمنت أسماء 400 مصري هارب إلى الخارج مطلوبين على ذمة قضايا متعلقة بالإرهاب عقب المقاطعة العربية للدوحة منذ خمس سنوات، وليس معروفًا إذا كانت القاهرة جددت المطالبة بتسليمهم مرة أخرى بعد انتهاء مدتها، ودخول القاهرة في مصالحة سياسية مع الدوحة.

وأكد وكيل جهاز المخابرات العامة المصري سابقا اللواء محمد رشاد أن ملف علاقة قطر بالإخوان منفصل بشكل كلي عن تطبيع العلاقات بين البلدين، لأنه يتداخل مع جهات استخباراتية أجنبية تقدم الدعم للتنظيم الدولي للإخوان وتسعى ليبقى وسيلة ضغط على بعض الأنظمة العربية، ما يفسر توالي المطالبات بإعادة دمجهم مرة أخرى في الحياة السياسية المصرية بعد جرائم العنف التي تورطوا فيها.

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن التعاون بين القضاء المصري والقطري ينطوي على دعم لتبادل الخبرات والتنسيق بشأن الأشخاص الصادرة بحقهم أحكام قضائية في البلدين من دون أن يتطور إلى أكثر من ذلك، والقاهرة حريصة على هذا التعاون في إطار محاولاتها الحد من اختراق الأمن القومي العربي وتوفير خريطة معلوماتية بشأن العناصر التي تشكل خطراً على استقرار المنطقة، ما يجعل التنسيق مهما.

واستهدفت زيارة وزير العدل القطري إلى القاهرة تقديم تطمينات مصرية بشأن الآليات والأدوات القضائية في التعامل مع المحبوسين احتياطيًا أو على ذمة قضايا تتعلق بالإرهاب، وأن القاهرة تحرص على تقديم ما من شأنه ضمان محاكمة عناصر تنظيم الإخوان بشكل عادل لبناء ثقة قد تكون لها تأثيرات في المستقبل على تحريك الملف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى