آخر تحديث :الثلاثاء - 07 مايو 2024 - 08:16 ص

قضايا


الدفع السريع ..التعليم السياحي والتعليم الكاذب عدن

السبت - 29 أبريل 2023 - 10:44 م بتوقيت عدن

الدفع السريع ..التعليم السياحي والتعليم الكاذب 
  عدن
ارشيفية

كتب / برهان مانع

في تجربة التعليم الأهلي في محافظة عدن التي بدأت فعليا عام 1996م مع الترخيص لأول مدرسة أهلية في المحافظة للعام الدراسي 96-1997م حسب معلوماتي المتواضعة برزت في بداية هذه التجربة عدد من المدارس الأهلية الجادة والتي غامرت بامكانياتها لخوض هذه التجربة في ظل جو عام غير مشجع لعمل التعليم مدفوع القيمة مقابل تعليم حكومي مجاني مازل يحتفظ بمكانة محترمة بين أوساط المواطنين ..

ثم اعترى تجربة التعليم الأهلي المعاصرة في سنوات التأزم السياسي ومتلاها من حرب طاحنة ، من الآثار السلبية على تطور التعليم بشكل عام والتعليم الأهلي بشكل خاص ، فحدث في محافظة عدن في حوالي 12 عاما دراسيا أخيرة نوع من الانفجار والتضخم في عدد المدارس الأهلية رافقها بروز ظاهرتين من المدارس الأهلية تمثلت في : ( مدارس التعليم السياحي ) و ( مدارس التعليم الكاذب ) والتي تجمع بينهما سمة اساسية تتلخص في أنها ( مدارس الدفع السريع ) !!
بالنسبة لمدارس التعليم السياحي .. أعطي لها هذا الأسم بالنظر إلي قيمة الرسوم الدراسية المرتفعة جدا خاصة بعد أنهيار قيمة الريال اليمني ، حيث ان رسومها التي تصل تقريبا لقرابة ألف دولار تزيد أو تنقص قليلا .. كانت تعادل عند إنشاء هذه المدارس حوالي 200 ألف ريال يمني ، في حين تصل اليوم إلى ( مليون ريال يمني ) ولكي تستحل هذه القيمة فعليا لجاءت لبعض المزينات المبررة لهذه القيمة الفاحشة ، فهناك الملاعب المعشبة والالعاب البلاستيكية والمسابقات الدولية ( غير المدقق في صحتها ..!!) وبرامج التعليم غير المدروس ومعرفة مدى فائدتها للتلميذ .. الخ من عناصر البهرجة التعليمية ، وكذلك وجدت المدارس السياحية فرصتها مع وفرة المال لديها الذي تستطيع استخدامه في شراءالذمم والولاءات والعناصر الصلبة المدافعة عنها من الموظفين وربما بعض المسئولين في دواويين الجهات التربوية المسؤولة وربما جهات أخرى غيرها ..فلجاءت إلى ما يسمى الرسوم المخفية المرفقة ، فرسوم خدمة تشغيل التكييف أثناء انقطاع التيار الكهربائي تصل إلى 100 ريال ، ورسوم نقل التلاميذ تكاد تصل لأكثر من 300 الف ريال ورسوم الكتب الدراسية تصل ل 50 ألف ريال ومثلها رسوم النشاط المدرسي وضمان الأضرار ورسوم الزي المدرسي .. هذا إلى جانب رسوم المسابقات الدولية وتكاليف السفر لها ورسوم العمرة والحج .. الخ من الرسوم التي تبتدعها العقول الجبائية المنكبة على جيوب أولياء أمور تلاميذ هذه المدارس !!
أما بالنسبة لمدارس التعليم الكاذب .. فهي للأسف تقوم مثلها مثل سابقتها بتشوية سمعة التعليم الأهلي ، فهي كما يشكوا اولياء الأمور ليس لديها معالم جدية بالأهتمام بالتعليم وجودته ، إذ يشتكي ولي الأمر من تردي مستوى أبنه التعليمي فهو لم يكتسب مثلا مهارات القراءة والكتابة ( وهي من العناصر التي تهملها لجان التقويم الرسمي !!) ومع ذلك درجاته التقييمية في جميع المواد الدراسية وافية ومكتملة ، وحضورة للمدرسة أو غيابة ، ومذاكرته وأهتمامه يستوي مع أهماله ولامبالاته .. كل ما يهم هو دفع الرسوم فقط والنتيجة مضمونه ، وشجع على ذلك عاملين، أولها: ما اعترى التعليم الحكومي من فوضى التوقف الدائم ومنح الشهادات بدون تحصيل تعليمي ، والثاني: هو منح تراخيص المدارس لكل من طلب ولوكان مقاول خردة أو خباز أو جزار وربما أسوى من ذلك .. فدخلت عناصر لمسيرة التعليم الأهلي لاتقيم وزنا لقيمة التعليم ، بقدر ما تقدس الربح ولو بتقديم خدمة رديئة .. وهي تختلف عن التعليم السياحي بأن رسومها الدراسية أقل قيمة ، ولكنها مثلها تهتم بالرسوم المضافة ورسوم حفل نهاية العام الدراسي وحفلات التخرج ..كما أنهاا تكاد تماثلها في ( الدفع السريع ) لتسويق نفسها بحماية ودفاع بعض الموظفين والإداريين في دواويين التعلم الحكومي ..
وهنا يبرز السؤال : هل فعلا سنجد أن ( تعليم الدفع السريع ) يخضع لتقويم موضوعي يناقش المحتوى ولا يهتم بالشكل ، يبحث عن المضمون ولا يبحث عن الهدايا ، ويدقق في سلامة القيمة مقابل الخدمة ولا يبحث عما يمكن أن ينتفع به من الجبايات المفروضة على أولياء الأمور ..!!
صدقونا إذا فقدتم القدرة على التقييم والتقويم ، فالتعليم الأهلي خدمة تخضع لسوق الخدمات الذي سيأتي في وقت ما ليعلن تقييمه للجميع دون الحاجة لتقويميكم .. ومن هنا نبداء .