سيناريوهات الانهيار الوشيك لجماعة الحوثي: واقع قيد التحقق أم أمنيات لدى الخصوم؟

> "الأيام" العرب:

> ​تتواتر بشكل لافت تقارير إعلامية وتصريحات لشخصيات يمنية بشأن انهيار وشيك لجماعة الحوثي جرّاء خلافات حادّة تعصف بأركانها وتهدد بانهيارها في أي لحظة. غير أنّ متابعين للشأن اليمني يصنّفون مثل تلك التقارير ضمن الأمنيات المرتبطة لدى البعض بما حققته الجماعة من انتصارات سياسية في الآونة الأخيرة بتسليم السعودية ضمنيا بسيطرتها على مناطق شاسعة من اليمن وقبولها كمحاور مباشر، أو ضمن تبرير التقاعس في مواجهتها والهزيمة أمامها كما هي الحال بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين.

وتقول مصادر يمنية إنّ الحوثيين المسيطرين على صنعاء وغالبية الشمال اليمني يعيشون بالفعل صراعات في ما بينهم على المناصب، كما يواجهون صعوبات في تحقيق التناغم التام بين القوى الموالية لهم والمشاركة في حكومتهم. وتؤكّد ذات المصادر أنّ الصراعات بلغت في بعض الأحيان حد تلفيق التهم الكيدية لبعض الخصوم بهدف إزاحتهم من مناصب معينة، كما تطورت في أحيان أخرى إلى تصفيات ميدانية.

ورغم ذلك تؤكّد المصادر أنّ الصراعات تظل متحكّما بها إلى حدّ بعيد بفعل تماسك القيادة من جهة ومركزة السلطات الفعلية في يد نخبة قليلة من كبار القيادات في الجماعة، وأيضا بفعل وجود جماعة الحوثي تحت مظلة إيران التي تراقب الوضع في صنعاء بدقّة ولا تسمح بتطور الصراعات بشكل يهدد بنسف كل ما تمّ تحقيقه في سبيل التمكين للحوثيين في اليمن وبالنتيجة توطيد النفوذ الإيراني هناك.

وعلى العكس من سيناريوهات التفجّر الوشيك، بدت جماعة الحوثي خلال الفترة الأخيرة في أحسن حالاتها بعد أن حقّقت مكاسب ميدانية وانتصارات سياسية ودبلوماسية. وجاءت موافقة السعودية على التفاوض المباشر مع الجماعة واستقبالها لوفدهم في الرياض على رأس تلك المكاسب، خصوصا وأنّ المملكة بدت بصدد الاعتراف بسيطرة الحوثيين على الأراضي اليمنية كأمر واقع.

وإذ حمل هذا التطور تنازلا مشهودا من قبل السعودية، فإنه لم يتبيّن الثمن المطلوب من الحوثيين مقابل ذلك، بل إنّ الجماعة تمادت في مطالباتها وواصلت خطابها التصعيدي تجاه المملكة والتحالف العسكري الذي تقوده. كما تعمّد الحوثيون الظهور بمظهر المتحكّم في إيقاع الصراع من خلال قطعهم حالة التهدئة القائمة في اليمن وتوجيههم ضربة لتجمع لقوات التحالف داخل الأراضي السعودية أسفرت عن مقتل جنود بحرينيين.

ووفقا لأحد السيناريوهات الرائجة بشأن قرب انهيار الجماعة، فإنّ صراع الأجنحة داخلها أفضى إلى ظهور جناح جديد يتخذ من غرب العاصمة صنعاء مقرا له ويعارض سياسات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.

وكثيرا ما يتم الاعتماد على إعلان الجماعة عن مقتل بعض قادتها الميدانيين كحجّة على تجاوز الصراع داخلها الخطوط الحمراء وتحوله إلى تصفيات بلا هوادة بين عناصرها. ولا تنفي المصادر سقوط بعض العناصر الحوثية برصاص عناصر أخرى في الجماعة، لكنّها توضّح أنّ أغلب القتلى الذين تنظّم لهم جنازات في صنعاء وغيرها من المناطق يسقطون في ساحات القتال أو بغارات طيران التحالف الذي تقوده السعودية.

وتحدّث أحد التقارير عن مقتل القيادي الحوثي يحيى حسن إسماعيل المداني شقيق قائد المنطقة العسكرية الخامسة يوسف المداني، وكذلك القيادي الحوثي الذي يحمل رتبة عميد إسماعيل عامر أحد قيادات المنطقة الرابعة. وأورد التقرير فرضية تصفيتهما في صنعاء لكنّه لم ينف مقتلهما في محافظة الضالع جنوبي العاصمة خلال مشاركتهما في هجوم على مواقع القوات المشتركة هناك. كما أورد معلومات عن تعرض رئيس المحكمة التجارية التابعة لسلطة الحوثيين القاضي خالد الأثوري لمحاولة اغتيال على يد قيادي حوثي آخر يدعى المؤيد ويتبع القائد الحوثي عبدالله عيضة الرزامي.

ويرى متابعون للشأن اليمني أنّ مثل تلك الأحداث على افتراض صحّتها فإنّها تظل هامشية وعديمة التأثير على جماعة الحوثي المقامة على بناء هرمي محكم ومتماسك بشبكة من العلاقات والمصالح المعقّدة بين أعضائها وأتباعها بما في ذلك عدد من الوجوه القبلية الوازنة. وفي سياق ما يروج بشأن الصراعات داخل جماعة الحوثي، تحدّث محمد المسوري القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام عن سعي القيادي في الجماعة محمّد علي الحوثي للإطاحة بزعيمها عبدالملك الحوثي.

وكتب على منصة إكس ما معناه أن محمد علي لا ينوي الإطاحة بمهدي المشاط (رئيس المجلس السياسي) فقط بل ينوي أيضا الإطاحة بعبدالملك ليتربع على عرش الجماعة بمفرده. واستدلّ على ذلك بجلسته على الكرسي وتحركاته وخطاباته ورسائله ووجوده بين الناس بينما "عبدالملك مختف في الكهف". ولا يقف مروّجو سيناريوهات انهيار الجماعة عند الحديث عن صراعاتها الداخلية والتصفيات الجسدية بين أعضائها، لكن بعضم يذهب حدّ تحديد موعد زمني لانهيار الجماعة.

وتوقّع أحمد سيف حاشد عضو مجلس النواب اليمني أن تنهار الجماعة في ظرف سنتين. وقال في تعليق عبر منصة إكس إن “‏سلطات الأمر الواقع في صنعاء، وما تحدثه وتقوم به كل يوم ومن خلاله، إنما هي تطيح بنفسها أكثر من أولئك الذين يفكرون بالإطاحة بها". وأضاف "حظها الوفير فقط هو ما يطيل عمرها"، مؤكّدا "مع ذلك أقول هذا الحال لن يدوم وحتما هي طائحة (ساقطة) ربما بعد عام أو عامين، إلاّ إذا وجد بطل منقذ يغير الحال أو معجزة يبدو حتى الآن أنها غير واردة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى