الرئيسية > تقارير وحوارات > ضحايا قناصة الحوثي في تعز... مأساة لا تنتهي وآلامٌ جسدية ومعنوية لا حصر لها

ضحايا قناصة الحوثي في تعز... مأساة لا تنتهي وآلامٌ جسدية ومعنوية لا حصر لها

" class="main-news-image img

 

فقدتُ يدي، وتغيّرت حياتي، وانتهت أحلامي!، بهذه الكلمات يلخص المواطن عمر عبدالغني الصبري، من سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن مأساته مع القنص التي حوّلت حياته وأسرته إلى كابوس.

يقول عمر - 30 عامًا- لـ"المصدر أونلاين": "في أحد الأيام قبل نحو ستة أعوام، وأثناء خروجي من المنزل، تعرضت لإصابتين خطيرتين من قبل قناصة مليشيا الحوثي، تم نقلي إلى المستشفى وإنقاذ حياتي، لكنني فقدت يدي اليسرى".

تنهد عمر وأخرج حزنه الذي بدا جليا في ملامح وجه، ويتابع حديثه بالقول: "بعد خروجي من المستشفى، وجدت أن حياتي قد تغيرت بشكل كبير. لم أعد قادرًا على العمل في تخصصي الدراسي، ولم أعد قادرًا على القيام بالأنشطة اليومية المحدودة، أبسطها ربط حذائي، أو حمل أي شيء آخر، وأشعر بالحزن والغضب والإحباط بسبب ما حدث".

ومن خلال حديثه لـ"المصدر أونلاين" يعكس عمر ما عاناه ويعانيه هو وغيره من المعاقين في مدينة تعز من واقع مرير يستدعي الاهتمام والرعاية والتضامن من المجتمع المحلي والدولي، ويستدعي توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم وتوفير الفرص اللازمة لحياة مناسبة لهم.

ومثل عمر العشرات من المدنيين ممن كانوا يسكنون في مناطق بمرمى قناصة ميليشيا الحوثي، والذين كانوا يحاصرون المناطق القريبة من خطوط التماس، ويلجأون لأساليب وتكتيكات عسكرية يهدفون من خلالها لإيقاع أكبر قدر من الضحايا، في الوقت الذي يلجأ الأهالي إلى النزوح أو يقعون ضحايا لهؤلاء القناصة.

يقول عمر لـ"المصدر أونلاين" إنه يسكن عمر بالقرب من خطوط التماس، في منطقة صالة، حيث لا يبعد منزله عن مواقع التماس سوى بضعة أمتار، ويقول إنه لجأ للعيش في هذا المكان بسبب ارتفاع الإيجارات داخل المدينة، "لأني أدفع هناك إيجار ثلاثون ألف ريال، قبلت العيش في المنطقة الأكثر استهدافًا بالقنص والرعب".

وتشتهر المنطقة باستهداف قناصة ميليشيا الحوثي لأطفال ونساء عبر السنوات منذ اندلاع الحرب في المحيط قبل ثمانية أعوام، مثيرة الرعب في صفوف الأهالي، يقول عمروس العامري، أحد الأهالي إن صالة هي "المنطقة الأكثر تعرضًا للقنص من قبل مليشيا الحوثي، حيث يقوم القناص بقنص أي شيء يتحرك سواء حيوان أو إنسان، مدني أو عسكري، لا يستثني أحداً".

ويضيف عمروس لـ"المصدر أونلاين": "أنا شاهد على أربع عمليات قنص، حدثت أمام عيني، 2 أطفال و2 كبار في السن من الرجال، كنت أشوفهم بالقرب من الحارة خلال عامي 2020.. كلهم قتلوا بطلقات قناص إما في الرأس أو في الصدر"، فيما وثقت تقارير حقوقية مئات الانتهاكات التي ارتكبتها القناصة في إطار عمليات الاستهداف المستمرة.

وتعتبر الحرب في اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعيش السكان في ظروف صعبة بسبب الحرب التي تستمر منذ تسع سنوات. ووفقًا لتقارير منظمات حقوق الإنسان، فإن العدد الإجمالي للقتلى في اليمن بسبب الحرب يتجاوز 233000 شخص حتى عام 2022. كما أن هناك أكثر من 3.3 مليون شخص نزحوا من منازلهم بسبب الحرب.

وقال التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان "تحالف رصد"، إنه رصد مقتل وإصابة "366" طفلاً بمحافظة تعز تتراوح أعمارهم بين "1-17 عامًا" برصاص قناصة يتبعون ميليشيا الحوثي خلال الفترة من مارس 2015م وحتى أغسطس 2020م.

وأوضح في تقرير له، أن قناصة مليشيا الحوثي قتلت 130 طفلًا "88" ذكور و"42" إناث وإصابة "236" آخرين "170" ذكور و"66" إناث في "16" مديرية، تابعة لمحافظة تعز.

ولفت إلى أن مليشيا الحوثي قامت بنصب عدد كبير من قناصتها في عدة مباني ومنشآت داخل الأحياء السكنية وعلى التباب المرتفعة المحيطة بمدينة تعز وبعض القرى والمناطق الريفية التي كانت مسرحا للمواجهات الدامية.

واعتبر التقرير سلاح القناصة رابع أكثر الأسلحة فتكا بأرواح المدنيين بما فيهم النساء والأطفال وذلك بعد "الصواريخ" و"المدفعية" و"الألغام الأرضية" بكل أنواعها.

وأشارت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان في تقرير سابق، إلى أنها رصدت المعاناة والانتهاكات التي طالت سكان المناطق العالقة في محافظة تعز «المدينة والريف»، وشملت 7 مديريات، هي "صالة- القاهرة- المظفر- جبل حبشي- التعزية- مقبنة- صبر الموادم"، خلال الفترة من مايو 2015م حتى مايو 2022م.

يقول الناشط الحقوقي عبدالواسع الفاتكي في حديثه لـ:" المصدر أونلاين" إن "مئات المدنيين في تعز لقوا مصرعهم جراء قنص مليشيا الحوثي لهم، وذلك منذ بداية الحرب الدائرة وحتى الوقت الراهن، خاصة في المناطق القريبة من خطوط التماس، هذه الحالة تجعلهم يتلذذون بالقتل وسفك دماء المدنيين."

وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي تستهدف أي هدف يتحرك في تلك المناطق، حتى وإن كان حيوانًا، شهيتها مفتوحة للقتل وقنص الأطفال والنساء والرجال، وتمنع أي محاولات لإنقاذ أو لإسعاف الضحايا، في إصرار منها على زيادة أكبر قدر من الضحايا، وتهجير السكان من تلك المناطق التي تعدها مناطق عسكرية، رغم خلوها من أي تواجد عسكري للشرعية، لكنها ما تزال تمارس عملها بشكل ممنهج ومتعمد بحق المدنيين، وإعاقة الأهالي من الحركة وإثارة الرعب في قلوبهم ومحاصرتهم في منازلهم، تحسبًا منهم لأي تقدم قد يحدث".

وأضاف الفاتكي: أن "السلطات يجب أن تعمل على إخلاء تلك المناطق من السكان وتوفير منازل بديلة لهم، وأن تقدم المنظمات الإغاثية والإنسانية المهتمة بقضايا النازحين والمدنيين المتضررين من الحرب، لا سيما من الساكنين من القرب في مناطق خطوط التماس والمساعدات اللازمة لتوطينهم في أماكن آمنة بعيدة عن آلة القتل."


الحجر الصحفي في زمن الحوثي