آخر تحديث :الأحد - 19 مايو 2024 - 12:31 ص

كتابات


حضرموت ليست للبيع.. ولا مطية للمرتزقة وقطاع الطرق

السبت - 24 يونيو 2023 - 09:35 ص بتوقيت عدن

حضرموت ليست للبيع.. ولا مطية للمرتزقة وقطاع الطرق

كتب / سعيد أحمد بن إسحاق

حضرموت.. علم في التاريخ تشهد لها الأزمان والعصور منذ أمد بعيد.. اعلامها وشواهدها بكل الأمصار حاضرة.. ووفائها وأمانتها قلادة مزروعة قد خصها الله لها، ميزة لا يتميز بها أحد غيرها، تتكلم أفعالها وبصماتها في كل ركن من اركان الكون كله، فهي حاضرة ولن يستطيع أحد المساس بها بالسوء ولن يحكمها إلا الأطهار من أبنائها الأخيار ، حضرموت عصية على كل من مس عرقه أنجاس الوثن وسلالة رستم والتتار، والغزاة من قطاع الطرق.

لن تكون حضرموت مطية للمتسلقين على الرقاب ولا المرتزقة أبدا مهما مايقدم لهم من دعم ومهما كبر، من نهب ما سلب من خيرات حضرموت باسم الفيد وفتاوي ماأقترفت أيادي الطغاة وعتاولة مجرمي الحروب وتجارها، فاتكي الضحايا ومصاصي الدماء.

لن ترضخ حضرموت طوال عصورها منذ القدم، فوالله لن تستطع قوى الشر اختراقها، وستظل حضرموت سدا منيعا وسهما بنحور من اراد لها التمزق، وإرثا بين أيدي المهربين والفجار وشياطين الدجل.. فلا مكان للقطاء الفجور بأرض الاحقاف أبدا، فقد لفظتهم الارض وقذفتهم الرياح العاتية من قبل، ولم يقبلهم البحر منذ وجد.

حضرموت.. لم تكن يوما للغجر.. فهي ارض الكنانة، حكامها من كنده تشهد مآثرها، شامخة شواهدها الى يومنا هذا.. لا للبياعين للوطن ولا لسماسرة القسمة، ولا لعباد الريال العفن ولا لدولار بني صهيون الرجيم.
إن حضرموت لن تتحمل مسئوليّة إنهيار الدولة، لنشوب فتنا داخلية، لخراب حضارة ومحو للتاريخ والهوية، فالمأساة هي مأساة لمعالم وطنية تنحدر ببطء الى الضياع والنهاية ومأساة لمعالم دينية، تتلاشى يوما بعد يوم، ومأساة للانسان الحضرمي العفيف النفس الذي يشاهد كل يوم، جانبا من جوانب حضارته يتحطم وينهار، وصرحا من صروح المجد يتحول الى خراب ودمار . إن للنكبة هنا مفهومها الخاص، مست الارض التي درج عليها أقوام ان حرروها من الظلم والاستعباد، والوحشية والتأخر والقهر، وسالت دماء ومازالت.. فهاهم من اراد لها السقوط تحت لواء المجوس، لتتقلص ظلالها، يوما بعد يوم، وليمس الدين، الاثني عشرية في مساجده ومآذنه، وفي كل قيمه ومثله. وليمس الناس، الغدر وتقطع الطرقات للنهب والقتل، وليعم الجهل والفقر والظلام في مناظر تقزز منها النفس الإنسانية لبشاعتها وقذارتها ووحشيتها.

أمام هذا لن يقف ابناءها الشرفاء بروح المستسلم الباكي، ولن يقف موقفا سلبيا إزاء الأوضاع المزرية الضاغطة التي تجعل ابناء حضرموت في تخبط دائم. ولكن ذلك لن يزيدنا إلا صحوة بعد غفلة، واصرارا على الصمود والنضال والمقاومة، ورفضا للتكتلات الداعية للرجوع لباب اليمن، وللوحدة التي فقدت اركانها وشروطها، ورفضا لأصحاب السوابق والاجرام والخيانة ان يكونوا حكاما على حضرموت.

إن أغلبية الحضارم يؤمنون بالروابط التي تشدهم الى المعالم الوطنية والدينية والحضارية والعادات والتقاليد، جعلتهم امام واجب الذود للدفاع عن الوطن، فكانت الكلمة لديهم عنوان لرفض تلك التكتلات والمجالس التي تفوح منها روائح الخيانة والمكر والبيع التي لا تقرها الاديان والشرائع، بحكم الانتماء.. فحضرموت الجنوب .. والجنوب حضرموت، واحساسهم الشديد بالقضية الجنوبية من المهرة الى باب المندب، لاستعادة الدولة، وبآثار المأساة ونتائجها أدركوا ان الكلمة الخالدة، هي التي تؤدي دورها داخل المعركة، وليس خارجها، وهي وحدها التي تتصدى لكل شئ يريد المس بالوطن والدين والمذهب، والمثل والقيم التي تؤمن بها حضرموت والجنوب أجمع.. ولابد للغريب أن يرحل، ولا يبقى له لواء ولا أثر..... وكما قال
الشاعر الأندلسي أبو الحسن بن الجد:

خذوا ثأر الديانة وأنصروها
فقد حامت على القتلى النسور
ولا تهنوا وسلوا كل عضب
تهاب مضاربا عنه النحور
وموتوا كلكم فالموت أولى
بكم أن تجاروا أو تجوروا