علاقات واشنطن والرياض تشق طريقا جديدا من بوابة اليمن

> الرياض "الأيام" العرب:

> ​طوت الإدارة الأميركية على ما يبدو صفحة الخلافات مع السعودية، وأقرت ضمنيا بأن علاقات التحالف لم تعد تسمح بممارسة ضغوط لا تقبل بها الرياض، وأن هذه الضغوط لن تؤدي إلى نتيجة، وهي تضر بالولايات المتحدة نفسها.

وشكلت جولة المحادثات الأخيرة التي جرت بين الطرفين علامة فارقة على نهاية التهديد السابق بـ”إعادة النظر” في العلاقات بين البلدين. وعلى الرغم من أن هذه المحادثات اتخذت من مساعي السلام في اليمن مناسبة للإشادة بالسياسات السعودية، إلا أنها أخفت أن القضية الجوهرية هي أن التحالف بين البلدين عاد ليشق طريقا آخر يستند إلى القبول بمبدأ “أن الحلفاء بوسعهم أن يتبعوا سياسات مختلفة من دون الإضرار بتحالفهم نفسه”.

وكان كبير مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموسهوكستين، أحدث مبعوثي البيت الأبيض إلى الرياض، بعد وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية، وجيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي، الذين تحادثوا مع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وعدد من كبار المسؤولين الآخرين، منذ مطلع الشهر الجاري.

ويقول مراقبون إن صفقة طائرات دريملاينر 787 التي أعلنتها السعودية مع شركة بوينع بقيمة 37 مليار دولار، وشملت شراء 121 طائرة، كانت قد أصابت عصفورين بحجر واحد. الأول هو أن الخلاف مع البيت الأبيض لا يزعزع، من وجهة نظر الرياض، مكانة العلاقة مع الولايات المتحدة. والثاني هو أن السعودية قوة مستقلة تستطيع أن تختار التعاون مع أي قوة دولية أخرى تتوافق مع مصالحها، وذلك في إشارة إلى تطبيع العلاقات مع طهران بوساطة وضمانات صينية.

وتركت بيانات البيت الأبيض عن جولة المحادثات الأخيرة انطباعات بناءة، وتجاهلت قرار أعضاء “أوبك” الجديد خفض إنتاج النفط، على الرغم من أن خفضا سابقا تم إقراره في أكتوبر الماضي كان هو مصدر التوتر الأول.

وكان البيت الأبيض قال في بيان الأربعاء الماضي إن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان بحث الجهود الدبلوماسية الجارية لإنهاء الحرب في اليمن خلال اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي، “ورحب بجهود السعودية الاستثنائية من أجل التوصل إلى خارطة طريق شاملة لإنهاء الحرب”.

وسبقت هذا الاتصال زيارة قام بها السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي قال إنه أجرى اجتماعا “مثمرا للغاية” مع الأمير محمد، وأن “آفاق تعزيز العلاقات الأميركية – السعودية حقيقية مثل الإصلاحات الجارية في المملكة”.

وكان الرئيس جو بايدن نفسه أعلن مطلع الشهر الجاري عن دعمه لكل الجهود الرامية إلى حل شامل للأزمة اليمنية.

وفي بيان نشره البيت الأبيض بمناسبة مرور عام على الهدنة في اليمن، قال بايدن إن الهدنة “أنقذت أرواحا لا حصر لها من اليمنيين، وسمحت بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد”، مشيرا إلى أنها سمحت لليمنيين أيضا بالسفر، وتوقف الهجمات عبر الحدود من اليمن في العام الماضي. وأكد التزام بلاده بدعم السعودية والإمارات ضد الهجمات المدعومة من إيران، معربا عن تطلعه إلى مواصلة العمل مع جميع الشركاء بالمنطقة لإنهاء الحرب في اليمن بشكل دائم.

ويقول مراقبون إنه على العكس من الانطباعات التي نقلتها "وول ستريت جورنال" عن زيارة بيرنز إلى السعودية في السابع من الشهر الجاري، والتي قالت إنه نقل “انزعاج” واشنطن من ملفين هما “تطبيع العلاقات مع طهران بوساطة صينية، وانفتاح المملكة على العلاقات مع سوريا”، فالحقيقة هي أن بيرنز أراد فقط أن يتفهم الموقف السعودي من هذين الملفين، وأن يطمئن إلى أن الرياض لا تقصد الابتعاد عن واشنطن.

وأكد في الوقت نفسه استعداد البيت الأبيض لرأب الصدع، وهو ما فتح الطريق أمام كل الاتصالات والاجتماعات التي جرت بعد تلك الزيارة.

وكانت طهران والرياض أعلنتا في العاشر من مارس الماضي عن الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد قطيعة استمرت سبع سنوات، إثر مهاجمة البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران. ونظرت واشنطن إلى الاتفاق بتردد رغم أنها رحبت به، عندما قال البيت الأبيض إنه لم يتضح بعد ما إذا كان الإيرانيون “سيفون بالتزاماتهم”.

ويقول مراقبون إن العلاقات بين الرياض وواشنطن بدأت الآن تشق طريقا جديدا. وأصبح من الجائز أن تتبنى الرياض مبادرات ومقاربات قد لا ترضي البيت الأبيض، إلا أنه يتعين على واشنطن أن تتحملها وتحاول تفهمها كما تفعل مع حلفائها الآخرين، بدلا من التعامل معها وكأن السعودية يجب أن تمتثل للسياسات التي تقررها واشنطن.

وبحسب المراقبين، فإن هذه الصفحة قد انطوت، وهي تذهب إلى أبعد من ذلك أيضا، بأن أصبحت قيادة ولي العهد لبلاده موضوعا غير قابل للجدل ولا حتى الانتقادات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى