الرئيسية > محليات > مفاجأة في الفضاء .. ثقب أسود غامض يشع بما يشبه الأضواء!!

مفاجأة في الفضاء .. ثقب أسود غامض يشع بما يشبه الأضواء!!

" class="main-news-image img

  أثار ثقب أسود من نوع جديد حيرة علماء الفلك بسبب انبعاث ضوء من نقطته المظلمة، وصرحوا بأنه ربما يشكل نوعاً جديداً من الكيانات الكونية.

لم يكن ذلك الجرم الكوني الغامض سوى تركيب نظري ظهر في سياق نموذج محاكاة بالكمبيوتر، ما يشي باحتمال وجود أجرام سماوية مختبئة في الفضاء لا تراها حتى أفضل تلسكوبات الأرض.

وتناول ذلك الشأن بيير هايدمان، الاختصاصي في "جامعة جونز هوبكنز" الأميركية الذي تولى الإشراف على ذلك البحث. ووفق كلماته، "لقد فوجئنا كثيراً. يبدو الجرم الفضائي مماثلاً للثقب الأسود، لكن ثمة ضوءاً ينبعث من بقعته المظلمة".

[الثقوب السود هي أجرام تتمتع بجاذبية هائلة إلى حد أنها تمسك بالضوء فلا يخرج منها، بالتالي، فإنها تبقى مظلمة ومستعصية على الرؤية المباشرة]

وفي دراسة جديدة لم تنشر بعد في مجلة "فيزيكال ريفيو دي" Physical Review D، عرض الباحثون تفاصيل في شأن ذلك الجرم الذي سموه "السلتون الطوبولوجي"، بمعنى "المتفرد الكمومي الطوبولوجي".

[الطوبولوجيا هو علم رسم التركيب الهندسي لمكان أو جسم. وتحمل تسمية "المتفرد الكمومي الطوبولوجي" تشبيهاً لذلك الجرم الغامض بنوع من الجسيمات الكمومية يفترض أنها ترتحل في الفضاء بسرعة مذهلة من دون أن يحدث حولها أي اضطراب يشير إلى تحركها، مما يعني أن طريقة سفرها متفردة تماماً. وبصورة عامة، الأجرام التي تتحرك في الفضاء الكوني تتفاعل بشكل أو بآخر مع موجات الجاذبية. وفي حال الجسيم المتفرد الكمومي، يكون التفاعل بهدوء، فتبدو موجات الجاذبية كأنها ساكنة].

واستطراداً، استند العلماء إلى ذلك الجرم المتفرد كي يتقصوا احتمال وجود أجرام أخرى مماثلة يُنظر إليها بوصفها ثقوباً سوداء، وتصاحبها تأثيرات مماثلة [للثقوب] على موجات الجاذبية، حينما ترصد من الأرض باستخدام مستشعرات فائقة الدقة.

[أحياناً كثيرة، يستفيد العلماء من تأثير الأجسام المتحركة في الفضاء على موجات الجاذبية كي يرصدوا تلك الأجرام الفلكية. ويتطلب ذلك الأمر استعمال مجسات فائقة الدقة تكون قادرة على رصد الاهتزازات الهينة في موجات الجاذبية الكونية].

تذكيراً، تنشأ الثقوب السوداء حينما تبلغ النجوم نهاية دورة حياتها وتتفجر، وهي تمتلك قوة هائلة الجاذبية إلى حد أنه حتى الضوء يعجز عن الإفلات منه.

[النجوم هي شموس، أي إنها أفران كونية هائلة تملك كتلة ضخمة وجاذبية كبيرة، كشمسنا، وتستمد قوتها انفجارات ذرية ونووية، تستهلك الغازات التي تتشكل منها في الأصل. وحينما يستنفد الوقود الذري للشموس، لا تعود طاقة الانفجارات كافية في الحفاظ على تركيبتها. وتنهار تحت وطأة كتلتها الكبيرة. وأحياناً، تنضغط تلك الكتلة الكبيرة بفعل تراكمها على بعضها البعض، فتصبح أجراماً ثقيلة ومتكتلة ومنضغطة، وتصير نقاطاً فائقة الثقل والكثافة والجاذبية، وهي صفات الثقب الأسود].

وتذكيراً، رصدت موجات الجاذبية للمرة الأولى في 2015. واعتبر ذلك إنجازاً في الفيزياء الفلكية، وتأكيداً على وجود الثقوب السوداء.

[شبه ألبرت آينشتاين الكون بقماشة سميكة هائلة يتكون نسيجها من الزمان والمكان. وإذ يمتلك المكان ثلاثة أبعاد، الطول والعرض والارتفاع، يشكل الزمان البعد الرابع. وتبقى تلك القماشة متماسكة بتأثير الجاذبية وموجاتها. ولنتذكر أن هذا التشبيه تبسيط مخل. ومثلاً، هنالك حركة شد وجذب في القماشة الكونية الكبيرة، تشمل ظاهرة التوسع الكوني الذي فشل آينشتاين في افتراضه إلى حد أنه افترض ثبات حجم الكون. واستطاع العالم إدوين هابل إثبات توسع الكون، وأقر آينشتاين بخطئه. وبقي أن موجات الجاذبية هي من أفضل المؤشرات على حركة الأجسام السماوية في القماشة الكونية الضخمة].

واستطراداً، بين رصد موجات الجاذبية أن الضوء يدور حول الثقوب السوداء على مسافة معينة من مركزه، بطريقة تشبه دوران الأرض حول الشمس.

تحدد تلك المسافة حافة "ظل" الثقب الأسود، مما يعني أن أي ضوء آت سيعاني اصطداماً مميتاً لدى وصوله إلى المنطقة التي يسميها العلماء "أفق الحدث"، أي ذلك "الظل" حول الثقب الأسود.

[يعني ذلك أنه إذا وصل ضوء، أو أي شيء آخر تقريباً، إلى منطقة أفق الحدث، فسوف تسحبه الجاذبية الهائلة للثقب الأسود الذي سيبتلعه].

من ناحية أخرى، ذكر العلماء أن ذلك الجرم "المتفرد الطوبولوجي" يشوه الفضاء بطريقة تتطابق مع ما يفعلها الثقب الأسود، ولكنه لا يتصرف مثله.

[إذا تحرك جسم ثقيل على قماشة فستحدث تثنيات والتواءات وتقعرات، وهو المقصود بتشوه الفضاء. وبالطبع، تؤثر تلك الحركة على موجات الجاذبية التي تمسك بنسيج القماشة الكونية].

في المحاكاة الحاسوبية، تبين أن "المتفرد الطوبولوجي" يتحرك بتعثر ويطلق أشعة ضوئية ضعيفة لن تفلت من قوة الجاذبية القوية، لو إنه ثقب أسود "حقيقي".

في سيناريوهات عدة تضمنت استخدام صور للفضاء الخارجي، وضع الباحثون ثقباً أسود و"متفرداً طوبولوجياً" أمام عدسة كما لو أن كاميرا قد التقطت صورتهما.

في عمليات المحاكاة، أنتج الكيانان الكونيان كلاهما صوراً مشوهة [فيها ثنيات وتقعرات] بسبب تأثيرهما في موجات الجاذبية، ولكن وجد أن "المتفرد" يتصرف بشكل مختلف [عما يفعله الثقب الأسود].

وفي تعليق على تلك المعطيات، ذكر الدكتور هايدمان أن "الضوء كان شديد الانكسار [حول المتفرد الطوبولوجي]. ولكن، عوض امتصاصه على غرار ما يحصل مع الثقب الأسود، فإنه تشتت في حركات غير تقليدية إلى حد أنه يعود إليك في وقت ما بطريقة فوضوية. أنت لا ترى بقعة مظلمة [في حال المتفرد الطوبولوجي]، بل تلاحظ كثيراً من الضبابية، مما يعني أن الضوء يدور بجنون حول هذا الجرم الفضائي الغريب".

واستكمالاً، ذكر الباحثون أن الدراسة لا تتوقع وجود أجرام من نوع جديد في الفضاء، إلا أنها أعطت النموذج الأفضل للشكل الذي ربما تبدو عليه مثل تلك الأجرام، مقارنة مع الثقوب السوداء.

في المقابل، يبقى الجرم الذي تناولته الدراسة [المتفرد الطوبولوجي] نظرياً، لكن حقيقة أن العلماء استطاعوا تركيبه باستخدام معادلات رياضية وإظهار شكله عبر استخدام المحاكاة بالكمبيوتر، تعني أن أجراماً سماوية عدة ربما تكون مختبئة حتى بالنسبة إلى أفضل التلسكوبات المتوفرة على الأرض.

ووفق تعليق من إبراهيما باه، وهو مؤلف آخر أسهم في الدراسة، "كيف تعرف أن الجرم الذي ترصده ليس ثقباً أسود؟ ليس في متناولنا طريقة جيدة في اختبار ذلك الأمر. في المقابل، فإن دراسة أجرام افتراضية كالمتفرد الطوبولوجي ستساعدنا في معرفة معرفة جيدة.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي